الأقصى .. ليس للأقصى !
أحداث متتابعة ما إن تهدأ في جانب أو عاصمة حتى تشتعل في جانب آخر أو عاصمة أخرى، لقد تكاثرت جراح الأمة، ولربما طغى بعضها على بعض، حتى يحار الواحد منا وحالنا:
كنا نعالج جرحاً واحداً فغدت***جراحنا اليوم ألواناً وأشكالاً
وفي غمرة هذه الأحداث والمعاناة اليومية وتفاصيلها، فإن مسألة المسجد الأقصى المبارك وما يجري حوله من مؤامرات، وخطوات عملية -كنا نسميها سابقاً مخططات - يجعل منه أكبر هموم الأمة وأخطرها لما له من قداسة ومكانة عقدية وتاريخية، ولكون اليهود أشد الناس عداوة لنا.
كان آخر تلك الخطوات هي مصادقة المؤسسة الصهيونية على بناء جسر طريق باب المغاربة، مع مواصلة ارتكاب جريمتها بهدمه، وهو جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك، وهو الذي يحتوي على آثار وأوقاف إسلامية، والهدف من هذا الجسر هو استكمال هدم هذا الجزء الثمين من المسجد الأقصى المبارك، ومن ثم بناء جسر كبير - عسكري في حقيقته وتهويدي في الوقت نفسه- ليكون طريقاً لاقتحامات واسعة للمسجد الأقصى، يمكّن مئات عناصر الشرطة الصهيونية من اقتحام المسجد متى شاءوا، ثم ليجعلوا هذا الجسر طريقاً لاقتحام المسجد الأقصى من قبل مئات أو آلاف الصهاينة في مسعىً محموم لفرض الأمر الواقع على المسجد الأقصى، ومحاولة فرض مخطط احتلالي لتقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود.
لم تعد وسائل الإعلام العربية حتى الإسلامية منها تعطي لمثل هذه الأحداث حجمها الحقيقي، ولم تعد تُسلط حولها الأضواء، ولم تعد تكشف للشعوب الحقائق، لقد أصبح الاهتمام بالمسجد الأقصى عملياً مقتصراً على قناة (الأقصى الفضائية) ـ برغم إمكاناتها المحدودة ـ من خلال البرامج الحوارية والأناشيد والفواصل الإعلامية.
ويبدو أن وسائل الإعلام في عالمنا العربي أصبحت بحاجة للتذكير بالمسلمات. فالواجب على كل وسائل الإعلام العربية أن تشارك في بيان حقيقة ما يجري لمسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الأيدي الخفية:
ولما أدرك الصهاينة أهمية وسائل الإعلام كلف الجيش الصهيوني وحدة للحرب النفسية منذ فترة طويلة بحسب ما أعلنته الإذاعة العبرية، تتبع شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش المعروفة بـ"أمان" بالتعاون مع المخابرات الداخلية "الشاباك" ووزارة الخارجية، وتركز جهدها بشكل خاص على محاولة التأثير على معنويات العرب إلى جانب محاولة الفتنة بين المقاومة والشعوب العربية والأنظمة.
وأكد بعض المراقبين أن لهذه الوحدة دوراً في محاولات تشويه سمعة المقاومة الفلسطينية بالتعاون مع وسائل الإعلام المتنوعة. كما قامت باتباع تكتيك جديد يستهدف التشكيك في المقاومة وقيادتها، تتمثل في التعليق على الأخبار والتقارير والمقالات التي تزخر بها مواقع الصحف والمجالات والمواقع الإخبارية العربية على شبكة الإنترنت، بأسماء عربية مستعارة، كما أكدت مصادر مطلعة أن عناصر هذه الوحدة يتقنون اللغة العربية ويقومون بتأييد المقالات التي تهاجم المقاومة في العالم العربي، ومهاجمة أصحاب المقالات المساندة للمقاومة؛ لزعزعة الثقة في المقاومة وبث روح الانهزامية لدى القراء الفلسطينيين والعرب.
الأيدي الخاذلة:
ومن المؤسف أن بعض بني جلدتنا من الإعلاميين يكفي الأعداء مؤونة تلك المواقع والوسائل فهو يمارس الدور نيابة عنهم، حيث لوحظ في الآونة الأخيرة جرأة بعض وسائل الإعلام العربية على المجاهدين في فلسطين، وتشويههم للحقائق بصورة بشعة رغم هذه الظروف العصيبة، وحسب هؤلاء أنهم سيكونون من المخالفين أو الخاذلين قال - صلى الله عليه وسلم- : "لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك. قال عمير: فقال مالك بن يخامر: قال معاذ : وهم بالشام" رواه البخاري.
لقد وجهت رابطة علماء فلسطين بياناً بعنوان بيان الاستنصار، ولقد تميز بذكر أساليب ووسائل عملية تسهم في نصرة المرابطين على ثرى فلسطين. إن بإمكان كل واحد منا المشاركة في تلك الوسائل بالاتصال بالمسئولين عن وسائل الإعلام من الوزراء ورؤساء التحرير ومالكي القنوات والقائمين عليها لحثهم على الاهتمام بقضية المسجد الأقصى المبارك وبيان خطورة المرحلة وما يترتب على خذلان المسلمين والمرابطين في فلسطين من نتائج تنعكس على الدول العربية قاطبة، وإبراز الأطماع الصهيونية في المنطقة العربية.
الأسرى والمسرى:
لم لا تبادر وسائل الإعلام العربية بحملة مشتركة تحت مسمى (الأسرى والمسرى) لتظهر المعاناة وتطرح الأفكار العملية وتفتح الباب للمشاركة بكل السبل والطرق والوسائل المتاحة للإفراج عن الأسرى والمسرى!
لم لا تعيش هذه الوسائل الإعلامية هموم الشعوب، فإن لم تحمل تلك الوسائل الهم، أفلا يحمله الأفراد؟! أليس بأيدينا أن نحملها على الاهتمام بقضايانا المصيرية وهمومنا؟
ألم يستوعب القوم بعد ما يجري من حولهم من أحداث! ألم يتبين للقوم بعد حقيقة يهود وأنهم : {كلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}.
وختاماً أما كان الأجدى بـ(أمة) (اقرأ) أن تنهض لتستعيد (المجد) التليد وتبعث بـ(رسالة) (الهدى) التي لديها لـ(الناس) أجمعين
|
|
|
زياد بن عابد المشوخي |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق